في يوم مثل هذا من بين جميع المواليد ولدت فتاة لو انها عرفت ان القدر سيأتي بها الى هذه الدنيا التعيسة الفانية لتمنت انها لم تولد كانت الفتاة من عائلة فقيره كان والدها يعمل في السيرك ولكن في احد الأيام و بينما كان والدها يقوم ببعض الحركات البهلوانية سقط على وجهه مما ادى الى تشوه وجهه بسسب تهشم عظام الوجه كان الجميع يضحك عليه و يستهزئ به لقبحه فقرر ان يترك ذلك البيت الصغير المصنوع من القش و ابنته التي الى الآن وهي في احشاء امها مرت ساعات و ايام وشهور و لم يعد الأب الى المنزل لكن اكتفى بارسال رسالة الى الام عندما حان موعد ولادة تلك الطفلة وكان مضمون تلك الرسالة كم كنت اتمنى لو كنت معك في تلك اللحظات العصيبة و ان اكون اول من يقبل جبين ذلك الطفل فإذاكانت فتاة كنت اريد اسمها إيليا و لو كان صبيا لكنت اتمنى ان يكون اسمه شالوم و قد يهزمني الشوق و آتي لأرى طفلي فأتمنى ان تطلبي منه او منها مسامحتي فهذا كان فوق قدرتي(زوجك) تغيرت ملامح تلك الزوجة المسكينة من كثرة الهم و الحزن وهي تقرأ تلك الرسالة بينما هي تلد ولكن في اللحظة التي ولدت فيها الطفلة توفيت الام وفي يدها تلك الرسالة كان الاطباء يتحاورون فيما سيفعلونه بتلك الطفلة البريئة فقد فقدت حضن الاب وحنان الام الذي لا يعوض وفي النهاية ذهبوا بها الى دار الايتام و وضعوا الرسالة بجانب تلك الطفلة قرأت صاحبة الميتم تلك الرسالة و قررت ان تسميها ايليا كما كان والدها يريد كان الجميع يتعجب من جمال تلك الطفلة فهل هي ملاك ام انسان وبعد مرور سنة كاملة حاولوا التحدث مع الفتاة و استنطاقها ولكن اكتشفوا انها عمياء و بكماء
لذلك يجب على الجميع الثقة بنفسه لان الله تعالى قد يهب لبعضنا الجمال و يسلب البصر و قد لا يهب الجمال و لكن قد يكون بكامل قواه العقلية فهناك بشر مشلولون يتمنون ان يسجدوا لله تعالى و هناك بشر فقدوا القدرة على الكلام يتمنون لو يستغفرون لربهم لذا يجب شكرالنعم
كبرت تلك الفتاة وتخرجت من المرحلة الثانوية لكن ذلك الميتم الذي تقيم فيه لا تدعمه الدولة لذا لم يكن بيدها دخول الجامعة فمع انها كانت عمياء وبكماء الا انها قد تفوقت على زميلاتها واصبحت الأولى على دفعتها كان داخل تلك الفتاة ضوء لا يُرى كانت تلك الفتاة موهوبة كانت لديها موهبة الرسم ونثر الشعر فتبناها رجل غني لشدة اعجابه بها و لم تعلم انه اخذها طمعا بجمالها وارغمها على الزواج به فعاشت حياة تعيسة مع ذلك الجبروت فلقد كان ياتي بالعبيد ليعذبهم و عندما سمعت انه يعذبهم حاولت صده فضربها واوقعها ارضاً و كلما كانت تحاول مساعدتهم للهروب يمسك بها هذا الزوج الظالم و يصفعها على وجهها و مرت الأيام حتى اكتشفت انها حامل من ذلك الرجل الغني و مرت شهور حتى حان موعد الولادة و رزقت بفتاة اصيبت بمرض شائع و هو " وهو مرض مزمن عبارة عن حساسية في الحلقوم تؤدي الى انقطاع النفس ثم الموت
مرت السنين وكبرت الفتاة واسمتها هجران كانت تلك الام التعيسة تنتظر لحظة اعلامها ان ابنتها توفيت لكنها لم تتوفى و في منتصف احدى الليالي ذهبت ايليا لمساعدة العبيد فرآها احد حراس زوجها فذهب ليخبره على الفور وعندما علم الزوج وذهب ليتفقد سجون العبيد وجد ان ايليا قد قامت بفك جميع قيود العبيد فأخذ ايليا في غرفة للتعذيب وقيدها واتى بابنتها هجران و اخذ يعذبها بالسوط فايليا لا تسمع سوى صراخ ابنتها التي لم يكن لها ذنب في تلك الحادثة كانت تتمنى لو انها تتكلم حتى تصرخ لانقاذ ابنتها كانت تتمنى لو انها ترى كي تحاور ابنتها بعيون محترقة ماتت ابنتها وهي تردد وتقول:
و هجران من يبكي على غير عِرْفَة ... جزافاً ، ومن يبكي لعهدٍ تجرما
لَعُمْرِي لقـد غـال الـردى مـن أحـبـه ... و كان بودي ان اموت و اسلمـا
فقد اتى عبد من العبيد الذين ساعدتهم ايليا و قتل زوجها وقد عاشت طوال عمرها تعيسة تجلس في غرفة مظلمة لا يتخللها الضوء فقد حاولت ان تسعد نفسها بفتح نافذتها كل يوم وسقي ورودها دوماً بجرعة من التفاؤل و الامل و ظلت تكتب الشعر الحزين الذي لو سمعه صخرلبكى
و ايُّ حياةٍ بعد هجران فقدتها ... كما يفقد الماء الزلال على الظما
تولت فولى الصبرعني وعادَنِي ... غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، و أسقما
ولم يبق الا ذُكْرَةً تبعث الأسى ... و طيفٌ يوافيني إذا الطرفُ هَوَّمَا
و كـانـت لـعيني قرةً ، و لمهجتي ... سروراً ، فخاب الطرفُ و القلبُ منهما
فـلـولا اعـتـقادي بالقضاء وحكمهِ ... لقطعتُ نفسي لهفةً و تندما
فيا خبراً شـفَّ الفـؤادَ فـأوشـكـت ... سويداؤهُ ان تستحيل فتسجما
فـيـا ابـنـتـا زال العـزاء ، وأقبلـت ... مصائب تنهى القلب ان يَتَلَوَّما
وكنت ارى الصـبر الجميل مثوبةً ... فصرت اراه بعد ذلك مَاْثَمَا
و كـيـف تـَلَذُّ العيش نفس تدرعت ... من الحزن ثوباً من بالدموع منمنما؟
تـألـمـتُ فـقـدان الأحـبـةِ جـازعـاً ... و من شفهُ فقدُ الابنةِ تألما
و قد كنت اخشـى ان اراكِ سقيمةً ... فكيف و قد اصبحتِ في التربِ أعظما؟
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الجُنْدُ صِبْغٌ من الدُّجَى ... وعادَ كِلا الجيشين يَرْتَادُ مَجْثِمَا
فيا أُمَّـتَـا زال الـعـزاء ، وأقـبـلـت ... مصائب تنهى القلب ان يَتَلَوَّما
وكنت ارى الصبر الجميل مثوبـةً ... فصرت اراه بعد ذلك مَاْثَمَا
و كيف تَلَذُّ العيش نفس تدرعت ... من الحزن ثوباً من بالدموع منمنما؟
فيا ليتنا كنا تراباً ، و لم نكن ... خلقنا ، و لم نقدم الى الدهر مقدما
ابنتي هجران قد تكونين بين يدين الرحمن آمنةً من مواجع الدنيا كان كل من يمر يسألني لما دمعي لا يزول عن خدي؟ فأطرد من يطردني بلوحة كتب عليها : صرفت عناني راجعاً و مدامعي ... على الخد يفضحن الضمير المكتما ...
فقد كنت احاول ان اعيش سعيدة كي انثر السعادة على من حولي لكن لم اجد الشخص الذي يساعدني فيها وها انا الآن في دار العجزة قد شاب راسي من مواجع الحياة فكتبت في صفحتي ان الحزن مقدوري قد يجد احد هذه الرسالة و لم يعلم انني قد كتبتها من دموع عيني؛سوف ينثر عنها الغبار و يرميها في القمامة و لم يعلم ان في تلك الرسالة قد كتب الحزن و الذي لن يتحمله جبال أو لأخذها ووضعها قصة لفيلم حزين و الآن انا انتظر لحظة موتي فإلى اللقاء في الجنة
لقائنا اجمل
ابنتي هجران

شكرا
يعطيكى العافية