وأخيراً كشر الذئبُ عن أنيابه

في الوقت المحدد كنت أنا هناك وكان المكان كما عهدته مظلم كئيب أنرت المصباح الذي بيدي وبدأت أتفحص الغرفة وأنادي باسمها لكني سقطت معشية على الأرضي أثر ضربة تلقيتُها على رأسي ولم استيقظ إلا عندما صب على وجهي ماءً بارد وقد كنت مقيدة اليدين والقدمين تقدم شخص أمامي وقال باستهزاء:
- مرحبا
فأجبت بضحكة مُستفزة :
- أخيراً خرج الذئب...إذن أنت "وليد" آه أنت لا تعلم مدى سعادتي برؤيتك.
بادلني (وليد) تلك الضحكة المستفزة:
- بشحمه ولحمه....
ثم أردف قائلاً بعد أن أشعل سيجارة من الحشيش:
- أعذرينا أيتها الصغيرة...لكن يجب أن نقتلك بسرعة قبل أن تفوتنا الطائرة.
- أتظن أن قتلي سيجعلكم تفلتون من عقابكم وقبل هذا أريد أن أسئل "أميرة" سؤال لما اخترتنا نحن من بين الجميع لماذا؟
- أتريدين أن تعرفي السبب أيتها البريئة! حسناً سأخبرك...حبيبي " وليد" أيمكن أن تعطيني عشر دقائق فقط..
أخذ يشفط في السيجارة بعنف وأومأ برأسه إيجاباً فأعقبت (أميرة) تقول.
- حسناً أسمعي إذاً أتذكرين تلك الطفلة الجميلة ذات الضفيرة الطويلة, بيضاء البشرة كانت الابتسامة لا تفارق وجهها لكن بسبب والدها السكير والذي حاول اغتصابها عدة مرات كما قام صديق والدها والذي كان والد "نرجس" بالتحرش بها وقام بتشويه وجهها مما جعل جميع صديقاتها يشمئزون منها ويعايرنها بوالدها السكير وأمها التي كانت في ما مضى فتاة الليل وكانوا يرمونها بالبيض الفاسد ويضربونها هل تذكرتي الآن.
صرخت بغضب ثُمَ قامت بضرب وجهي بأداة حديديه فبتألمٍ أجبت.
- "جميلة"!!!..أنت..لكن, ألم تموتي في ذاك الحريق الذي حصل في منزلك!!
ضحكت (أميرة) أقصد (جميلة) ضحكة لكن لم تكن مثل تلك الضحكات فهذه كانت تحمل أسى مرارة الزمن الذي كان يقف ضدها في طفولتها ثم ما لبثت أن هتفت بسخرية:
- آهههه أولم أخبرك بأن السبب وراء موت والدي هوأنا...لكن لأكن صادقة لم تكن فكرتي بل فكرت "وليد" ففي يوماً من الأيام السوداء قابلت "وليد" وهو الوحيد الذي لم ينفر من شكلي بل رحب بي وساعدني في نيل الحرية من ذاك الجحيم مقابل أن أقتل أمي وأبي ولم أتوانى للحظة عن فعلتها فتخلصت منهما وأضرمت النار في المنزل بعد أن قام "وليد" بقتل فتاة في نفس عمري لأوهم لكم أني أنا من كان في الداخل ..وبعد عدة سنين راودتني فكرة بأن أقوم بكتابة قصة عما حدث لي وجنت أرباحاً طائلة وقمت بعمل عملية تجميل لوجهي أشرف عليها "وليد" فهو طبيب تجميل, فأعجبني هذا وحاولت تأليف قصة دموية لكن أفكاري توقفت فحاولت أن أقرئ بعض من كتب القتل لكن دون جدوى فقلت لما لا أعود إلى موطني و...
قاطعتها بعنف جامح وقد نفذ صبري بأكمله ولولا القيود التي تعرقل يدي وقدمي لكنت قمت بتمزيقها مزقةً مِزقه بيدي هاتين. فقلت وقد علا الغضب وجهي وبنظرة شخص يدفع حياته مقابل أن ينتزع قلب وأحشاء عاشقة الدماء فالحرفان(b.l) هما اختصار للكلمتان(blood lover) اكتشفت ذلك بعد قرأتي لقصتها المختلقة:
- أن تقومي بالانتقام, القتل, الاعتداء والتشويه وتضربي عصفوران بحجر واحد الانتقام وتأليف قصة تجنين أرباحاً من ورائها..أنت قطعة من الجحيم قذفت إلينا لتحويلنا إلى رماد, لكن....هيهات لن أجعلك تنجين بفعلتك هذه...لن أجعلك تكررين ما حدث لي ولصديقتيًّ سأوقفك عن ما تفعلينه حتى ولو كان الثمن حياتي.
بصقت الدم الذي في فمي بوجهها وقمت برسم ابتسامة شريرة على شفتي لكن (أميرة) لم تحتمل فقامت بأخذ المطرقة محاولة تهشيم رأسي به لكن(وليد) أمسك بالمطرقة وضحك ضحكته المجنونة التي توحي بأنه بلا ريب مختل عقلي:
- ماذا بك أتريدين تشويه دميتي التجريبية؟...أوليس كافياً ما حل بوجهها؟
- ابتعد "وليد" سوف أقتل تلك المشوهة وسأجد لك واحدة أفضل منها لتعمل تجاربك عليها لكن....
قاطعها (وليد) بحزم وإصرار:
- قلت لا.
صرخ بها ثُمَ أزاح المطرقة من يدها ورماها بعيداً ثُمَ قال بعد أن لامست يديه وجه (أميرة) يتحسس كل جزء من وجهها بحنان:
- لا تغضبي يا حبيبتي إنها مجرد تجربة لا أكثر..أما أنت فكل ما أملك وأنا لا أريد أن يصيبك مكروه فتجاربي هذه المرة ستكون خطيرة .
غمرت (أميرة) سعادة كبيرة وأردفت قائلة والابتسامة تكاد تشق وجهها المتلبس بالقبح على الرغم من جمالها الأخاذ:
- حقاً!
فضحكت ضحكتها الهستيرية وشاركتها أنا هذه المرة فغضبت (أميرة) حين سمعت ضحكتي وزمجرت حانقة:
- ولكن ما الذي يضحكك يا هذه؟
تحدثت بينما أنا مستمرة بالضحك:
- هههههه..آسفة لكني لم أستطع كتم ضحكتي وهو يقول هذا..
بعدها أخذت أتنفس الصعداء وأردفت:
- أعذراني على مقاطعة جوكم الرومانسي المليء بالشحنات المختلة...أيمكنني أن أسئل سؤالاً آخر أين ستفعلون كل هذا ...آه لقد علمت في السجن أليس كذلك؟! وإذا استطعتما التمثيل جيداً على الرغم من أنكما لا تحتاجانه سيودعونكم بمصحة عقلية لتكمل تجاربك ..وهذا ما لن أدعه يحدث فلن يهدأ لي بال حتى أرى رقبتك تتدلى من حبل المشنقة .
وبعد أن أنهيت كلامي استدرت إلى آلة التصوير الصغيرة التي علقتها بركن الغرفة قبل أن احدد موعد اللقاء وقلت:
- ها قد كشر سيداتي وسادتي ذاك الذئب عن أنيابه أخيراً ليعلن استمرار عمليات الخطف والتشويه أو ما يسميها بالتجارب البشرية ...
أطبقت (أميرة) على عنقي بقوة قائلة:
- ما الذي تفعلينه؟ سأقتلك قبل أن تصل الشرطة...
ابتسمت لها بضعف وقلت بكلمات متقطعة:
- ههه ا..الشرطة ...في الخارج وقد...طوقت المكان...
وعندها اقتحمت الشرطة المكان وألقي القبض على (أميرة ووليد) أخيرا وعندما همت (أميرة) بركوب سيارة الشرطة سألتني عن السبب الذي جعل تلك المقدمة تفزع.
فأجبتها بعد أن رأيت الفضول يعتلي وجهها:
- حسناً...سألبي طلبك باعتباره آخر طلب سيكون لك ..أخبرتها بأنه من الأفضل لها أن لا تعرف من تكون المذنبة..لأني حينها لن أكون معبر الشهرة لها بل سأكون الطريق الذي يؤدي إلى قبرها فتلك الفتاة التي هي أنت قد غلبت إبليس بشرها وأخبرتها أيضاً بأن تتوارى عن الأنظار لأنك ستبحثين عنها حتما...أخبريني هل..
ردت (أميرة) وكانت تلك أخر كلمة أسمعها منها:
- نعم ...ذهبت..
واستدرت بعدها متجهة إلى سيارة الشرطة واستدرت أنا إلى ذاك المحقق بعد أن علمت إنه يدعى (أحمد) وشكرته عن مساعدته لي لكنه رد علي بسؤال أدهشني :
- أنت لم تفقدي ذاكرتك طويلاً ...أليس كذلك؟
ترددت أولاً لكنن اكتفيت بالابتسامة فسألني سؤال آخر:
- متى استرجعت ذاكرتك؟
- في اليوم الذي ذهبت به إلى ذاك البرنامج.. عمومًا شكراً لوقوفكَ إلى جانبي ومساعدتي.. سأشكرك الآن لأني لا أظن أننا سنلتقي من جديد فأنا أفكر بترك المدينة والعيش في الخارج يجب أن أنسى كل ما حدث لي هنا.
لكنه استطرد قائلاً :وأنا هل ستتركينني مرة أخرى؟
تلعثمت في الكلام ولم أفهم ما يقصده:م..ماذا تقصد؟
- من كنت ستقابلين قبل الحادث..
أخذت لحظة لأفكر وبعدها أيقنت ما كان يقصده فقلت بصوت حزين:
- إذاً أنت هو ذاك الشاب الذي تقدم لخطبتي...أنا لا أصلح لك فأنا مجرد فتاة بشعة بنصف وجهه
- غبية.
قالها بغضب ثُمَ أردف قائلاً:
- وهل تظنين أني أعجبت بك لجمالك فقط؟ فما شدني إليك هو قلبك الصافي ونظرتك الحنونة وليس جمالك..فالقلب عندما يختار لا يعرف شكل الشخص الذي يحبه بل ما يفعله هذا الشخص ليجعل القلب ينجذب نحوه بقوة ولا يتمنى أن يتركه أبدا...وهذا ما حدث لقلبي.

يعطيك العافية